سورة لقمان - تفسير تفسير ابن عطية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


الرؤية في قوله {ألم تر} رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع، و{الفلك} جمع وواحد بلفظ واحد، وقرأ موسى بن الزبير {الفلُك} بضم اللام، وقوله {بنعمة الله} يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات، فالباء للأرزاق، ويحتمل أن يريد الريح وتسخير الله البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب، وقرأ الجمهور {بنعمة}، وقرأ الأعرج ويحيى بن يعمر {بنعمات} على الجمع، وقرأ ابن أبي عبلة {بنَعِمات} بفتح النون وكسر العين، وذكر تعالى من صفة المؤمن الصبار والشكور لأنهما عظم أخلاقه الصبر على الطاعات وعلى النوائب وعلى الشهوات، والشكر على الضراء والسراء، وقال الشعبي الصبر نصف الإيمان والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله. وغشي غطى، أو قارب، والظلل السحاب، وقرأ محمد بن الحنفية {الظلال} ومنه قول النابغة الجعدي يصف البحر: [الوافر]
يماشيهن أخضر ذو ظلال *** على حافاته فلق الدنان
ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن الأوثان والأصنام لا شرك لها فيه ولا مدخل وقوله تعالى: {فمنهم مقتصد} قال الحسن منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم.
وقال مجاهد: يريد {فمنهم مقتصد} على كفره أي منهم من يسلم الله ويفهم نحو هذا من القدرة وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ونشأته، والختّار القبيح الغدر وذلك أن نعم الله تعالى على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان، ومن الختر قول عمرو بن معدي كرب: [الوافر]
وإنك لو رأيت أبا عمير *** ملأت يديك من غدر وختر
وقال الحسن: الختار هو الغدار، و{كفور} بناء مبالغة.


{يجزي} معناه يقضي، والمعى لا ينفعه بشيء ولا يدفع عنه، و{هو جاز} جملة في موضع الصفة، أي ولا يجزي مولود قد كان في الدنيا يجزي، و{الغرور} التطميع بما لا يتحصل، و{الغرور} الشيطان، بذلك فسر مجاهد والضحاك وقال هو الأمل والتسويف، وقرأ سماك بن حرب وأبو حيوة {الغُرور} بضم العين، وقال سعيد بن جبير: معنى الآية أن تعمل المعصية وتتمنى المغفرة، وقرأ الجمهور {يَجزي} بفتح الياء من جزا، وقرأ عكرمة {يُجزي} بضم الياء على ما لم يسم فاعله، وحكى ابن مجاهد قراءة {لا يُجزئ} بضم الياء والهمز وفي رفع {مولودٌ} اضطراب من النحاة قال المهدوي: ولا يكون مبتدأ لأنه نكرة وما بعده صفة له فيبقى بغير خبر.
وقرأ ابن أبي إسحاق وابن أبي عبلة ويعقوب {ولا يغرنكم} خفيفة النون، وقوله تعالى: {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث} ذكرالنقاش أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الخمس وروي أنه سأل عن بعضها عن جنين وعما يكسب ونحو هذا فنزلت الآية حاصرة لمفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله تعالى ولن تجد من المغيبات شيئاً إلا هذه أو ما يعيده النظر، والتأويل إليها، و{علم الساعة} مصدر مضاف إلى المفعول، أي كل ما شأنه أن يعلم من أمر الساعة ولكن الذي استأثر الله تعالى به هو علم الوقت وغير ذلك قد أعلم ببعض منه، وكذلك نزول الغيث أمر قد استأثر الله تعالى بتفصيله وعلم وقته الخاص به، وأمر الأجنة كذلك، وأفعال البشر وجميع كسبهم كذلك وموضع موت كل بشر كذلك إلا الأصقاع والموضع الخاص بالجسد، وقرأ ابن أبي عبلة {بأيَّة أرض} فتح الياء وزيادة تاء تأنيث، و{عليم خبير} صفتان متشابهتان لمعنى الآية، وقال ابن مسعود: كل شيء أوتي نبيكم إلا مفاتيح الخمس ثم تلا الآية، وقرأ {وينزِل} خفيفة أهل الكوفة وأبو عمرو وعيسى، وقرأ {وينزِّل} بالتثقيل نافع وأبو جعفر وعاصم وشيبة، وذكر أبو حاتم في ترجيح التثقيل رؤيا انتهى.

1 | 2 | 3 | 4